عاجل نيوز
عاجل نيوز

مخطط حرب التجويع -2

عاجل نيوز

 

 

دكتور حسين عيس

 

 

ومن تلقاء ما نحن بصدده تلكم المؤتمرات اللاهية، التي تنعقد في عواصم الشتات، بدعاوى إجماع أهل السودان، دون شورى ولا تفويض منهم، ولا أخذ رأيهم الغالب. فتلك ملهاة عابثة، قصد بها إفشال الموسم الزراعي الذي يستعد فيه السودانيون في مناطق الزراعة الآلية لإنتاج قوتهم وغذائهم. وهي تكرار لاستراتيجية كرومر، القصد منها تجويع السودانيين، بعد احتلال منازلهم، ليخرجوا من البلاد جملة، ثم تفرض الحلول الخارجية عليهم، لأن البطون الخاوية لا تقاتل.

ومن هذا تسليط المرتزقة على مناطق الإنتاج، في الجزيرة وسنار والدالي والمزموم والقضارف.

ولذا فقد وجب الحذر.. ففي الحرب جاء التوجيه الإلهي للمسلمين: ” يأيها الذين آمنوا خذوا حذركم فانفروا” الآية ٧١ – النساء.

ومن تلقاء ذلكم فعلى الدولة، نفض غشاوات الأوهام والتقاعس المتردد، الذي صاحب سياساتها السالفة. إذ يتعين على كافة الولايات وحكامها الانتباه لهذه المهزلة الخادعة، والإلهاء الماكر لما يحاك ببلادهم وحولهم لإستئصالهم.

ولذا فيتعين وجوبا، وبصورة فورية، تشكيل فرق حماية مسلحة، سريعة الحركة والانتشار، تضم قوة ضاربة من الجيش، وبإسناد من المقاومين والمستنفرين والمزارعين، لإنجاز هذه المهمة الوطنية الاستراتيجية، التي لا تقل عن مهام وشرف وواجب ساحات القتال، بل بفشلها ستخسر البلاد كل الحرب.

ففضلا عن توفير الغذاء، فإن تأمين الموسم الزراعي سيوفر فرص العمل الشريف لكل النازحين، ليسهموا في الإنتاج المحلي الإجمالي، وحماية الوطن وتأمين سيادته بشعار:

“بالإنتاج لن نحتاج..

” ومن لا يملك قوته لا يملك قراره..”

فعلى مجلس السيادة أن يأخذ هذا الأمر بالحسم المستحق، كواجب سيادي، ويهتم به كأولوية قصوى، لحساسية الوقت، ومحدودية المدى الزمني، وبتوفير كافة المدخلات.

وعلى الفريق أول البرهان ألا يترك هذا الواجب للآخرين، دون متابعته الشخصية واليومية، حتى لا تتكرر أخطاء مجاعة سنة ستة تحت بصره. وهذا من أقدس موجباته، وسيحاسبه ومن معه التاريخ والشعب السوداني، وكل الأجيال القادمة والتي في أرحامها، على أي تردد أو تقاعس – لا سمح الله – ولذا فيتعين عمل ما ينبغي، وعمل ما لا بد مما ليس منه بد.

ما حدث في القاهرة وغيرها، وما سيحدث بعدها، يندرج في سلاسل المسرحيات المكرورة، سيئة الإخراج، وقميئة المونتاج، التي سبقته، والتي يقصد بها إضفاء مسوح زائف، لمكياج بايخ، قصد به خداع الرأي العام محليا وعالميا، لتزييف الحقائق، وصرف الأنظار عن إدانة وتجريم من يقف وراء النهب والقتل والاغتصاب. ثم لا يشعر من خلع شرف الوطنية، وباع العرض، بأي خجل، ولا يتوارى حياء، وبأنه يقف في الجانب الخطأ من الشرف، والتاريخ، وضد التيار الهام والرأي العام.

الشعب السوداني قرر تحرير نفسه بنفسه، وحمل السلاح للدفاع عن شرفه لئلا ينتهك ويمرغ، بل عاهد نفسه أن يسقط شهيدا، إذا ما لزم الأمر، دون سقوط شرفه؛ ولن يرهن أهل السودان مصيرهم لكائن من كان، ولن يمضى أي أمر عليهم، إلا برضاهم ومشورتهم واستشارتهم؛ فهم لم يفوضوا أحدا، لينصب نفسه زورا وتدليسا ناطقا بإسمهم. ولن يلتفت الشعب السوداني لأية دعاوى للتخذيل، من أبواق التجمعات الماكرة والملغومة، والطوائف المأجورة، والمتماهية بالتآمر الخارجي، وبالمال المنهوب، والغصب الحرام، فيطلب من أهله الركوع لأجندة الوافدين الغرباء، والاستذلال لأجندتهم، والجثو المهين بين أيديهم، بينا هم مشردون في الملاجئ، ومنبوذون في الصحارى والأحراش، وممتلكاتهم منهوبة، ومساكنهم محتلة بالمرتزقة، وشذاذ الآفاق والشتات.

فمن يريد السلم يجنح لمستحقاته، ومن أبسط مستحقاته، كف يد المجرم الصائل وإلقاء سلاحه.

فمن يمكر يمكر الله به..

ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله.

“يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون” الآية ٩ سورة البقرة.. صدق الله العظيم

د حسن عيسى الطالب

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.