عاجل نيوز
كل ماتمضي الأيام ونقترب من الموعد الذي أعلنه الوسطاء الدوليين لقيام المفاوضات بين الحكومة السودانية ممثلة في القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع المتمردة في منبر سويسرا في الرابع عشر من أغسطس القادم..
لوقف الحرب في السودان..؛ وأن تعلن الحكومة السودانية موقفا واضحا من قبول الدعوة أو رفضها..
يفتح ذلك الباب واسعا للتكهنات والقراءات السياسية وطرح الأسئلة حول احتمال نجاح تلك المفاوضات التي بات ينتظرها الجميع لوضع حد لمعاناة السودانيين من حرب توشك أن تدخل في العام الثالث كانت قد بدأت بانقلاب فاشل مدعوم من بعض القوى السياسية مستقلة بندقية قوات الدعم السريع.
بات الجميع بين راغب في إعلان الحكومة قبول الدعوة للتفاوض.. !. وبين رافض..! خصوصا بعد أن أعلنت الخارجية السودانية أول أمس على لسان وكيلها أنها أستلمت الدعوة للمباحثات من وزارة الخارجية الأمريكية وأنها الآن تدرسها وسترد عليها شكلاً وموضوعاً.. هذه العبارات المقتضبة التي قال بها السيد الوكيل تحمل مؤشر بأن الرسالة المستلمة ربما فيها مشكلة طالما أن الخارجية سوف ترد عليها شكلا وموضوعا.
من ناحية أخرى يرى بعض المراقبين أن تأخر الحكومة في الرد مرتبط بتوضيحات وضمانات متوقع أن تحملها مديرة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (سامانثا باور) والمبعوث الأميركي الخاص للسودان (توم بيريلو) اللذان يزوران السودان مطلع أغسطس القادم كما أعلن .. حيث أن الدعوة لهذه المفاوضات.. حولها ملاحظات كثيرة كما يبدو بالرغم من أحاديث سابقة رشحت في الإعلام.. أكدت أن هناك تنسيق واجتماعات مشتركة بين جميع الأطراف سبقت الإعلان عن هذه المفاوضات .
عليه تظل كل الاحتمالات واردة من جانب الحكومة السودانية.؛
وأولها : رفض المشاركة في مفاوضات سويسرا والتمسك بمنبر جدة دون أي حضور لمراقبين وفي ذلك إشارة لرفض وجود دولة الإمارات ضمن المراقبين الذين قال بهم خطاب الخارجية الأمريكية .
ثانيا: الموافقة بشرط تنفيذ إتفاق جدة المتعلق بخروج القوات المتمردة من الأعيان المدنية وبيوت المواطنين والتجميع في معسكرات خارج المدن بعد تسليم السلاح.
ثالثا : الموافقة بالذهاب بعد ضمانات كافية سوف يعلن عنها من خلال توضيحات الخارجية السودانية المرتقبة.
من ناحية أخرى هناك حديث بدأ يظهر في اتجاهات الأخبار المحلية وقد ابتدره الكاتب الصحفى المؤثر عادل الباز وهو أن الجيش يحتاج إلى إسناد في المفاوضات للتأكيد على أن التفاوض المحتمل يعبر عن كل الشعب السوداني..
بمثل مايحدث الآن من إسناد في ميدان العمليات الحربية في إشارة إلى أن الجيش لا يقاتل التمرد وحده.. و هذا يجعل من المنطقي أن يضم وفد المفاوضات خليط من الحكومة و الجيش والمقاومة الشعبية التي تقاتل معه باعتبارها أصبحت صاحبة المصلحة..
ربما يقول أحدهم هذا إغراق لكن هذا سيخفف الضغط على الجيش في الوصول إلى حلول مرضية ويجعل اي إتفاق ينتج عن هذه المفاوضات يمكن قبوله و الإقناع به..
كما أن هذه التجربة سبق أن عمل بها في مفاوضات الحركة الشعبية بجنوب السودان إبان تمرد جون قرنق وفي مفاوضات الدوحة مع الحركات المسلحة بأن تم اشراك أصحاب المصلحة وهي الفترة التي ظهر خلالها هذا المصطلح ضمن مفردات السياسة السودانية.. حتي على المستوى الإقليمي هناك تجارب في إثيوبيا وفي جنوب أفريقيا..وغيرها من الدول.
كذلك هناك إشارة مهمة يجب أن نقف عندها.. الجيش حين قبل الدعوة لمؤتمر القاهرة للأحزاب والكيانات السياسية..؛ الخارجية السودانية أصدرت بيان قالت فيه أن اي مؤتمر لمناقشة وقف الحرب يجب أن تكون المقاومة الشعبية ممثلة فيه او تعبير قريب من هذا المعنى.. لذلك تظل هذه الفكرة جيدة فقط محتاجة آليات تنفيذ تسمي ممثلين للمقاومة الشعبية وظني أن الأمر ليس صعبا.. إذا وافقت عليه قيادة الجيش.. طالما المقاومة الشعبية أصبح لها قانون وهياكل على مستوى الولايات..
ذلك أن حدث في تقديري سوف يرفع الحرج عن الجيش في حال تم التوصل لأي اتفاق لوقف الحرب والانتقال لليوم التالي.. وهذا بالتأكيد لاينقص من الجيش الذي يتمتع بثقة كبيرة و إجماع شعبي واسع بدون منازع.
بل هناك من يقترح رفع سقف المشاركة لتصبح على مستوى رئيس مجلس السيادة قائد الجيش عبد الفتاح البرهان.. وذلك تماشيا مع ما أعلنه الإتحاد الأفريقي في وقت سابق أنه يسعى لإقناع البرهان ومحمد حمدان دقلو للاجتماع معا..
لأن ذلك يقصر الطريق كثيرا نحو الحل وسبق أن أعلنت الايقاد ذلك اللقاء إلا أن قائد التمرد أعتذر بحجة أن هناك أسباب فنيه تأخر اللقاء.. الآن ربما زالت الأسباب الفنية لذلك ظهرت على السطح من جديدة المطالبة بهذا اللقاء..؛
حيث أن مشاركة قائد التمرد محمد حمدان (حميدتي).. سوف يجعل التفاوض سهلا ويسيرا وإذا لم يأت حمدان وذلك متوقع.. تكون المعركة قد إنتهت ويصبح من السهل الإنتقال إلى ما بعد الحرب .. مما يضع المجتمع الدولي أمام مسؤلياته تجاه السودان وشعبه ..
لذلك تظل هناك أهمية لذهاب البرهان إلى سويسرا بل قبلها يخاطب الشعب السوداني للتأكيد على أنه ذاهب بنفسه لتحقيق السلام وإن الحكومة تمضي إلى التفاوض بقلب مفتوح والجيش يحمل البندقية في يد وغصن الزيتون باليد الأخرى.. وهذا الإعلان سوف يجد القبول التام من الشعب السوداني الذي يثق في قيادته..؛
بالمقابل سيؤدي لحالة إرباك شديدة لدى الأطراف الأخرى.. وربما به يكون البرهان قد بدأ في استخدام أولى أوراق الضغط الحقيقية لأنها الحرب.
وبهذه الخطوة يظهر للجميع أن الجيش السوداني يسعى جاهدًا للتوصل إلى حل سلمي للصراعات الداخلية ووقف الحرب وتحقيق السلام العادل لشعبه.. بعدها يصبح من السهل الإنتقال نحو الترتيبات السياسية التي تضع في الاعتبار ماتم التوافق عليه في مؤتمر القاهرة للقوى السياسية والمدنية و مؤتمر أديس أبابا للقوى السياسية الذي تم برعاية الاتحاد الافريقي..؛
إذا تمكن الرئيس البرهان من ذلك فإنه يكون قد فتح بابًا جديدًا نحو السلام والاستقرار في السودان.. والمنطقة والإقليم لذلك، يبقى الترقب مطلوبًا لمتابعة تطورات المشهد السياسي والعسكري في البلاد..؛ ويظل السؤال شاخصا حول ذكاء استخدام الكروت السياسية في هذه المرحلة..لتحقيق السلام والأمن.