عاجل نيوز
لايعرف غالب السودانيين الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان قبل ثورة ديسمبر، وصعوده المفاجئ لقيادة الفترة الانتقالية، بعد هروب عوض ابن عوف، وتوليه يوم كريهة، وهو ينظر إلى الشارع يهتف رافضاً له،
واستحال على الفريق صلاح قوش أن يأكل مما صنعت يداه، فتبع عوض ابن عوف، وخرجا من السودان تطاردهم لعنات من صنعوهم من أصنام السياسية،
وصعد البرهان برغبة قوي الحرية والتغيير التي لاتعلم شيئاً عن الضابط الذي احتفظ بمكانة خاصة جداً عند الرئيس السابق عمر البشير، ولكنه كان عندها خيار من لاخيار له، وهي تبحث عن من يقود سفينة الفترة الانتقالية، ويضفي عليها حماية من خصومها، ويوفر لها مقاعد مجانية، في سلطة تنوي ركوب صهوتها سنوات وسنوات !!
وجاء الفريق البرهان بشخصيته الغامضة، وصمته الرهيب، وثقته في نفسه، وصبره على الآخرين، وأول اشتراطات البرهان على رفاقه في مجلس قيادة القوات المسلحة أن يأتي بمحمد حمدان دقلو بالقرب منه، عضوا في المجلس السيادي.
وكانت تلك رغبة آخرين من المكون المدني، ظناً منهم وحسابات أخرى أن حميدتي سيصبح قوة كابحة لأيي نوايا انقلابية داخل الجيش، و تقيهم شر الإسلاميين بالذات بعد أن باعهم الرجل كما باع صلاح قوش وكان فيه من الزاهدين.
واضطربت سفينة الحكم وتلجلجت الفترة الانتقالية وخطط حميدتي والبرهان معاً للإطاحة ببعض قوى الحرية والتغير والاحتفاظ بالبعض الآخر، ونبت الإطاري مقطوع الطاري، حتى اندلعت الحرب قبل عام وبضع أشهر،
ومنذ اندلاع الحرب تغيرت المعادلة السياسية والعسكرية، فأصبح البرهان وشركاؤه من قوى الكفاح المسلح، تقع على عاتقهم قيادة الدولة، في ظروف بالغة الدقة، فكيف تصرف البرهان؟؟ *ومن هم الرجال الذين من حوله وأهل ثقته، ومشورته، وصناع القرار معه؟.
وكيف تصدر القرارات الآن؟ ومن ثمَّ ينشأ السؤال: هل البرهان جهوياً يحتكر الدولة لصالح الإقليم الذي جاء منه؟؟ ام عنصرياً كما يزعم خصومه الجنجويد؟
فتأتي الأجابة، بالنظر إلى تركيبة السلطة الحالية، ورغم ظروف الحرب غير الطبيعية، نجدها الأكثر تمثيلاً لكل السودان مقارنةً بحكومات سلفت، وتعاقبت على حكم البلاد منذ الاستقلال، مدنيةً كانت أم عسكريةً..
إن توازن السلطة الانتقالية الحالية يكشف عن طبيعة البرهان التوافقية، وبعده عن الهوى الجهوي، والأمراض العنصرية، انظر فقط للقيادة العليا للجيش، ووجود أربعة جنرالات من جبال النوبة وكردفان، فيهم نائب القائد العام الفريق شمس الدين كباشي الذي يمكنه الصعود لمنصب القائد العام في حال انصراف البرهان لأسباب طبيعية أو غيرها،
وينوب عن الكباشي الفريق ياسر العطا من الشمالية، ومن بعده الفريق إبراهيم جابر من بادية دارفور العربية، ورغم الانتقادات التي توجه للبرهان بسبب احتفاظه بجابر الذي تمردت كل عشيرته ضد الدولة، ولكن البرهان ينظر بعين القائد لا الناشط السياسي،
وفي هرم الدولة جاء بالفريق مالك عقار اير ممثلا لا للنيل الأزرق وحدها، بل جميع من كانوا لايدخلون القصر الجمهوري الا وهم عمال نظافة أو حرس بوابات، وظلت الحكومات المتعاقبة – قبل الإنقاذ – تستكثر على النيل الأزرق والوطاويط والانقسنا والبرون والفونج عموما منصب وزير ثروة حيوانية دع عنك منصب الرجل الثاني في الدولة.
ولأول مرة منذ استقلال السودان يسند لرجل من غرب السودان الأقصى ونعني دارفور منصب مدير عام جهاز الأمن، ولم يسبقه الا عثمان السيد من الأبيض، وليس ام دافوق وعد الغنم التي صارت عدا الفرسان، مع ان العد للغنم وليس للفرسان الذين مكانهم ساحات النزال،
ويعتبر أحمد ابراهيم مفضل بعيدا عن تأهيله الشخصي و كفاءته وقدراته اول قيادي من أبناء دارفور يجعله الحاكم العام على أمن البلاد حفيظاً،
وجاء البرهان بالفريق محمد الغالي في أخطر منصب بالقصر الرئاسي أمينا عاما للمجلس، وهو من أبناء دارفور، وليس من دار مالي أو حجر الطير، وكل مال السودان وخزائنه وضعها البرهان أمانةً عند شخصيتين د. جبريل إبراهيم في المالية، ومحمد بشير ابو نمو في المعادن، وكلاهما من دارفور،
فماذا تبقى لأهل الشمال والوسط من السلطة؟ نعم قد اثبت مفضل اخلاصه، وجبريل بمبادرته وجهده صنع العاصمة البديلة بورتسودان في زمن قياسي من تحت رماد الحرب، والفريق الغالي هو من أسس سلطة السيادي ووضع أساس البناء الحالي، بعد ماحدث للقصر الجمهوري، وابونمو وعقار وجبريل من يقاتلون اليوم في ساحات الوغى، فلم يخذلوا فراسة البرهان ولم يخذلوا وطنهم السودان.