عاجل نيوز
في قلب النزاع المستمر في السودان، ظهرت تشاد كلاعب رئيسي في الأزمة، ولكن ليس كما كان ينبغي لها أن تكون.
بدلاً من اتباع سياسة محايدة تسهم في تهدئة الأوضاع، اختارت تشاد الانحياز لقوات الدعم السريع، القوة المتمردة التي تقاتل ضد الحكومة السودانية،
بل وتورطت بشكل مباشر في تزويدها بالأسلحة عبر معابرها الحدودية. إن هذا الموقف ليس مجرد فشل سياسي، بل هو استغلال لثغرات أمنية في المعابر الحدودية لتغذية الصراع ودعمه.
المعابر الحدودية: وسيلة لتهريب الأسلحة
تشترك السودان وتشاد في حدود تمتد لأكثر من 1000 كيلومتر، وهي حدود شاسعة يصعب مراقبتها بشكل كامل.
وفي هذه الفجوات الأمنية، استخدمت تشاد معابرها الحدودية كمسارات لتهريب الأسلحة إلى قوات الدعم السريع.
كانت شاحنات المساعدات الإنسانية التي تمر عبر المعابر هي الواجهة المثالية لهذا التهريب، حيث يتم إخفاء الأسلحة داخل شحنات الإغاثة التي تعبر إلى السودان تحت غطاء المساعدات.
هذه المعابر الحدودية، التي كان من المفترض أن تكون قناة للتخفيف من معاناة المدنيين في السودان،
تحولت إلى مسارات لتمويل الصراع. بينما يتلقى المدنيون المساعدات الإنسانية،
كانت الشاحنات المحملة بالأسلحة تصل إلى قوات الدعم السريع، مما يساهم في تمددهم العسكري في السودان وتفاقم الأزمة الإنسانية.
استغلال المعبر: طُرق تهريب متعددة
تشاد، التي تمتلك عدة معابر حدودية هامة، استغلت هذه الثغرات الأمنية لتحقيق أهدافها السياسية عبر دعم قوات الدعم السريع.
ولعل أكثر المعابر استفادة من هذه العمليات هو معبر “أم دافوق” الذي يربط السودان بتشاد عبر ولاية دارفور.
عبر هذا المعبر، تمر العديد من الشاحنات المخصصة للمساعدات الإنسانية، وتحت هذه الحجة يتم تهريب الأسلحة والذخائر إلى المتمردين في السودان.
لقد أصبحت هذه المعابر نقطة محورية في الدعم اللوجستي لقوات الدعم السريع،
حيث تُنقل الأسلحة عبر شبكة من التجار المحليين والعسكريين الذين يتعاونون مع السلطات التشادية لتسهيل العمليات.
ورغم محاولات بعض الجهات الدولية للضغط على تشاد لوقف هذه الأنشطة، فإن السلطات التشادية لم تبذل جهودًا حقيقية لضمان إغلاق هذه الطرق.
الآثار السلبية على السودان وتشاد
دعم تشاد المباشر لقوات الدعم السريع عبر تهريب الأسلحة عبر المعابر لا يؤثر فقط على الأمن السوداني،
بل يعيد تشكيل المنطقة بشكل كامل. فتدفق الأسلحة يعزز من قدرة قوات الدعم السريع على السيطرة على مناطق جديدة، مما يؤدي إلى تدمير البنية التحتية في العديد من المدن السودانية.
من ناحية أخرى، يعرض هذا الموقف سمعة تشاد للخطر على الصعيدين الإقليمي والدولي.
تشاد، التي لطالما كانت في صراع مع الجماعات المسلحة داخل حدودها، تجد نفسها الآن متورطة في دعم قوات متمردة في السودان،
وهو ما يعكس فشلًا سياسيًا كبيرًا. هذا الانحياز لقوات الدعم السريع يضع تشاد في موقف صعب أمام المجتمع الدولي، ويزيد من عزلة البلاد في الساحة السياسية.
تداعيات الفشل السياسي: فشل في رؤية استراتيجية
ما كانت تشاد تأمل في تحقيقه عبر دعم قوات الدعم السريع، تبين أنه فشل على المدى الطويل.
فالاستفادة من المعابر لتوريد الأسلحة لم تساهم في تعزيز الاستقرار الإقليمي، بل أضافت المزيد من التوترات في المنطقة.
وبغض النظر عن الأهداف السياسية التي كانت تسعى لتحقيقها، فقد أصبح موقف تشاد أداة لتفاقم الأزمات، ولم يؤدي إلى أي نوع من الاستقرار.
إن الفشل التشادي في التعامل مع الأزمة السودانية يتجلى في سياسة انحيازها لقوات الدعم السريع،
واستخدام المعابر الحدودية لتهريب الأسلحة. هذا الموقف لم يجعل تشاد طرفًا محايدًا أو وساطة صادقة، بل ضاعف من تعقيد الأمور وأدى إلى استمرارية الصراع.
الخاتمة
تشاد اليوم أمام مفترق طرق؛ فبينما كانت تسعى لاستغلال المعابر الحدودية لتمويل صراع قوات الدعم السريع،
فإنها تجد نفسها في قلب الأزمات التي لم تكن تتوقعها. هذا الفشل في الموقف السياسي يشكل تهديدًا ليس فقط للسودان،
بل للمنطقة بأسرها. سياسات تشاد تجاه السودان يجب أن تتغير إذا أرادت أن تلعب دورًا إيجابيًا في المنطقة، من خلال السعي لتحقيق السلام بدلاً من تأجيج الحروب.