عاجل نيوز
عبدالعزيز إبراهيم
طلاب الحركة الوطنية للبناء والتنمية
لا يبدو أن هناك ما يفصل صفة المتاجرة عن طيف كبير ممن دخلوا العمل العام من السودانيين، سواء كان ذلك بالقضايا، أو الشعارات، أو المتاجرة بالألم، في حقبة زمنية أطلت فيها على الأمة السودانية غيمة التهديد الوجودي المشترك.
لسنة وأربعة أشهر، يصدح في الأسافير شعار “لا للحرب”. وأنا في هذا المقال المقتضب أدعي على من حمل هذا الشعار، إن كان هتيفاً لا يقرأ ما بعد هتافه، بالجهل. وإن كان مدركًا لما بعده، بالمتاجرة، باحثًا عن توازن ضعف لا يلغي نسب وجوده مستقبلًا. وأعزز إدعائي بالآتي:
ترحيل الفاتورة:
إن أغلب صراعاتنا السودانية هي صراعات أصولها مجمدة في ماضيها، وفواتيرها مرحلة للمستقبل حتى يدفعها جيل آخر لا علاقة له ببدايات الأزمة. فمن سوء متبني “لا للحرب” أنهم لا يملكون إجابة على السؤال المفصلي الذي يحسم هل شعارهم يصلح كحل أم لا: ما هو مصير المستقبلين (الأمني والسياسي)؟
فإذا كانت الإجابة أن يعود القائد للجيش والقائد للمليشيا إلى نفس الوضع قبل 15 أبريل، فذاك باحث عن توازن ضعف. كما انزلق من أقوال كوادرهم على شاكلة “لو انتصر فيهم واحد، مطالبي ما حتتحقق”، “لازم نقيف عشان نرجع للمطالبة بمطالبنا”.
وتبحث هنا هذه النملة الحالمة عن مطالبها بعد أن جلبت لميدان مطالبها فيلين. فيا من يتبعهم، متى تعقل؟
شعار المساعدات الإنسانية:
يقولون إن وقف إطلاق النار واجب كي تدخل المساعدات الإنسانية، تلك المساعدات التي لم يقم المجتمع الدولي بتوصيلها بشكل فعال إلى نازحي بلادي في تشاد وإثيوبيا، لكن جبينه متآرق لمن نزح في الداخل. لا بأس!
هل في هذه المساعدات ضمير وقليل من صفات البشر؟ لماذا؟ لأنني أملك بيانًا من منظمة الفاو عن سرقة الدعم السريع لمساعدات تكفي مليونًا ونصف سوداني بعد هجوم مدني،
أملك بيانات حقوقية عن سرقة الدعم السريع لمساعدات طبية، وكسر مخازن مساعدات كانت موجودة من قبل الحرب. فهل في هذه المساعدات ضمير إنساني يركب داخل مخلوقات المليشيا يجعلهم يوصلونها بحق وحقيقة؟ .
من سيقول إن المليشيا ستوصل المساعدات هو شخص كان يعيش في عالم آخر غير عالمنا في السنة وأربعة أشهر الماضية.
حياد “مركز واحد جنيه”:
إلى جميع الكيانات والأفراد الذين يتبنون “لا للحرب”، بعد أن تفيضوا وتستنفذوا طاقتكم في كيل الاتهام والإشارة بأصابعكم المرتعشة إلى الإسلاميين كمشعلين لهذه الحرب،
أنسيتم أيها المحايدون أن المحايد هو من يعطي كل طرف حقه من الاتهام بنفس القدر؟ بعد انتهائكم من كيل اللعنات للإسلاميين، ألا يخبركم حيادكم بأن للطرف الآخر دولة تسمى “الامارات” تستحق من الاستهجان نصيباً؟
فلا تملك المليشيا تصنيعًا حربيًا، وأغلب شركاتها مجمدة الأصول. أين الحملات ضد الدولة المقوية للطرف الآخر من الحرب؟ أيستطيع أحد من قراء هذا المقال أن يذكر لي حملة موجهة للإمارات من دعاة “لا للحرب” للكف عن دعم الطرف الآخر بنية إنهاء الحرب؟ أقترح عليهم أن تنضم لورشهم الكثيرة الممولة غربيًا ورشة عن “كيف تكون محايدًا معلمًا وشفت”.
“لا للحرب” واهية المعنى:
لا تملك إجابة عن معترك الحاضر ولا ظلام المستقبل، وحاملها ليس بمحايد أو مهتم بالشأن الإنساني إنما منقاد أو باحث عن توازن ضعف ليس إلا.
وهذا قولي.