عاجل نيوز
نايلة علي محمد الخليفة
شهدت محاور ولايات سنار والنيل الأزرق والجزيرة ، عدد من الإستسلامات لجنود المليشيا بعد الهزائم المتلاحقة ،
التي اوقعتها بهم القوات المسلحة السودانية ، وكذلك محور الفاشر بعد إنفتاح الجيش والمشتركة ،
في مناطق واسعة من ولاية جنوب دارفور ، ومن المتوقع أن تكون هناك مفاجآت قادمة في الطريق ،
ستكسر شوكة المليشيا والداعمين لها ، بعد الفشل الذي لازمهم عسكرياً رغم سخاء الدعم الإماراتي ،
الذي لم ينقطع بل تحول هذا الدعم لغنائم ، في يد الجيش السوداني ،
حتى سرت مقولة (الإمارات تدعم ونحن نجغم) وسط ضباط الجيش وأنصاره ، لكثرة ماتم إغتنامه من عتاد ذو ماركة إمارتية ، كان بحوزة المليشيا.
فالاستسلام هو التوقف عن المقاومة والإعتراف بالهزيمة ، إما في الحرب وإما في الخلافات الأَدبية أو المعنوية ،
ولكن السؤال الذي يبحث عن إجابه ، ماهو مصير المستسلم بعد ان ألحق الأذى بالناس ،
واعتمد على تسليحه في إرهابهم وقتلهم وتشريدهم ، وسرقة ما بأيديهم وانتهاك عروضهم ، فقياساً على استسلامات المليشيا التي تتم هذه الأيام بالجملة والقطاعي ،
هل يجوز العفو عنهم بكل بساطة ، واستقبالهم والإحتفاء بهم ، واستفزاز مشاعر اولياء الدم ، ام يطبق عليهم حد الحرابة ، حتى يُزال ما علق بنفوس الضحايا من غبن.
حملنا كل التساؤلات وبحثنا عن رأي الدين فهناك قولان ، الأرجح فيهما لا يحق للقاضي أو لولي الأمر أن يصدر قراراً بالعفو عن الجاني ،
إذا ثبتت عليه الجريمة ، لأنها حد من حدود الشريعة واجبة التنفيذ ،
لقوله تعالى : ( إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ) .
والرأي الأخر والأضعف حجة ، يجوز العفو عنهم تقليباً للمصلحة العامة على الخاصة،
مالم يرتكبوا جريمة حدية مثبتة ، وإن كانت الخشية على الفتنة بين المسلمين أكبر ، يجب المحاسبة مع التأخير ، بعد زوال الخطر الذي يحدق بالمسلمين.
فلو قُدر لهؤلاء المستسلمين أن الفصيل الذي ينتمون إليه كانت له الغلبة ، لاستمروا وتمادوا في الحاق الأذى بالناس ، ولكن حكمة الله فوق كل شيء
، فينبغي على السلطات العسكرية التي تنظر لهذه الإستسلامات ، من زاوية النصر أن تضع في حسبانها ،
أن هؤلاء المستسلمين ارتكبوا جرائم في حق المواطن ، وبعضهم إرتكبها في حق أولي القربي.
وفي حكاوي السابقين عظة للآتين بعدهم ، يحكى أن مجموعة من الشباب في قرية مقسمة لعدد من الأحياء ،
كانوا يُغِيرون على اهل بعض الاحياء الأخرى ، ويأخذون منهم الماشية والنساء ويقتلون من يقاوم ، فتكاتفت الأحياء وأعلنت الحرب على شباب الحي المهاجم ،
فدخل زعيمهم يتوسل للشباب عند أهالي الأحياء المستباحة ، وحجته أن هؤلاء الشباب جاءوا مستسلمين تائبين ،
ولن يعودوا لفعلتهم مرة أخرى ، فتم الصلح وانصرف الجميع ، إلا أن شاباً له ثأر خاص مع قائد مجموعة الشباب ،
إنتهك عرضه وقتل أخته ، لم يقبل بالصلح ولكن اضمر عدم الرضا في نفسه ،
فانفرد يوما بالقائد الشباب المعفي عنهم فقتله ، وعاد الهرج والمرج للقرية مرة اخرى ،
فالتعامل مع الإستسلامات يجب أن يكون بحكمة وعدم إسقاط الحق الخاص ،
حتى لا يضطر من وقع عليهم الظلم لأخذ حقوقهم بأيديهم ، بعيداً عن القانون ومن ثم نعود مرة أخرى لمربع الانفلات…لنا عودة.