عاجل نيوز
حشد كبير ذلك الذي كان في استقبال اللواء أبوعاقلة كيكل في منطقة الفاو ، أكبر بكثير من المتوقع ، ربما قد فاجأ كيكل نفسه ،
يبدو أن هناك شيء ما يأتي من وراء هضاب الحرب المستمرة ، شخصيات تصعد القمة ، تفرّض وجودها في معادلة الحاضر العسكري والمستقبل السياسي …!!!
بمزيد من التأمل والبحث في شخصية كيكل تجد أن الرجل يجيد اختيار الوقوف في اللحظة المناسبة في المكان المناسب ، انضمام إلى الدعم السريع
في فترة كان فيها الدعم السريع في أوج قوته ، فكان دخول مدني ، وانسحاب للجيش لم تظهر نتائج التحقيق فيه حتى الآن ،
ثم انسلاخ منها وعدّاد قوة المليشيا قد بدأ في التراجع ، بينما ثيرمومتر حرارة قوة الجيش قد بدأ في الارتفاع ، في لحظة ما اختار كيكل ذلك الموقف ،
ربما كانت هناك ساعات قليلة تفصل بين قراره ذاك وانكشاف أمره بواسطة أفراد المليشيا وكان حينها سيواجه مصيراً أسوداً في لحظات تراجيدية تحبس الأنفاس
ومشهد مثير في فلم آكشن عنيف ليس فيه مساحة للتسامح ، ربما ذلك حدث مع النقيب سفيان الذي بدأ ضعيفاً خائفاً ، لم يك حظه كما هو حظ كيكل ،
ربما الجغرافية خدّمت أبن البطانة ، وربما عناصر القبيلة التي تواصلت معه من الضفة الأخرى( الجيش) ورسمت له طريق النجاة والعودة ،
وربما جودة التخطيط في العبور بين المعسكرين في لحظة تاريخية فارقة وقف كيكل في المكان المناسب ، تماما كوقفته الفاو ، عند أعلى نقطة كان يقف وبجواره شقيقه ،
والحشود تتمدد أمامه ، ربما ذات الحشود التي أخرجها من ديارها ذات يوم في تاريخ قريب عندما كان يرتدي بزة الدعم السريع ويلعب دور الخائن ،
يبدو الأمر كتدشين لمرحلة جديدة في مسيرة الرجل ، قوامها زاد سياسي ، وما زاد السياسة غير حشود كبيرة …؟؟!!
ربما حشد الفاو الجماهيري هو خلاصة تداعي حر وجموع من قبائل مختلفة شدّت الرحال إلى جبال الغُر ( تلك جبال يحبها كيكل وتحبه ،
لا عجب أنها كانت بداية الدرع وفيها حطّ رحاله خاتمة المطاف ، وبين البداية والنهاية قصة من أعجب القصص تصلح لفلم سينمائي ضخم ) ،
حشود تلك القبائل كانت في كل مرة تغذي شرايين الرجل بدماء القبول وكريات الزعامة الكبيرة في وقت كان جموع تلك القبائل تبحث عن بطل يعيد إليها البسمة
ويرسم لها طريق العودة إلى الديار التي أُخرجت منها مرغمة ، فوجدت ضآلتها فيه فنصبته قائداً تماماً كما تم في الفلم السينمائي الأمريكي ( القلب الشجاع Brave heart
الذي ذلك يصّور ملحمة وليم ولاس (ميل جيبسون) الذي قاد معارك تحرير اسكتلندا من الأحتلال الانجليزي ، والفلم حشد العديد من جوائز الأوسكار ،
تتشابه الحشود في الفلم مع الحشود التي وقفت مع كيكل ، حشود ربما قدّمت رسالة صفح كبيرة عن ماضي كيكل وأنها قد تجاوزت عن ذلك الفعل
طالما عاد إلى حواضنه ليصلح أخطاء لعب فيها دور الخائن في الفلم الواقعي المحتشد بالتفاصيل المثيرة ، ليعود ويتقمصّ دور البطولة
في معركة يبدو أن الرجل يمسك بزمامها ، حديثه عن عدم وجود لإي اتجاه قبلي في قواته رسائل تطمين للآخرين ، ليس في البطانة والجزيرة فقط لكن لكل عموم السودان ،
وكذلك تأكيده على ضرورة انضواء قواته تحت لواء القوات المسلحة رسالة أخرى في بريد الخائفين من تكرار تجربة أخرى مريرة ،
تجربة حميدتي خصوصا عندما ظهر كيكل بجوار شقيقه ومقارنتها بصورة حميدتي وبجواره شقيقه عبد الرحيم دقلو…!!!
هذه الأشارات السياسية التي أرسلها كيكل في الفضاء الطلق ربما تجد من يلتقطها ، وتمثل خطوط عريضة لدور سياسي يتجاوز حدود الضرورة العسكرية
التي تفرضها حيثيات اللحظة و تسبقها حنكة عسكرية أبداها الرجل على مسرح مدني تلك التي دخلها مرة غازياً ومرة فاتحاً ،
وتلك قوة كبيرة وتحدي عجيب تتفق مع كيكل أو تختلف معه لكن لا تملك سوى الإعجاب بذلك الأمر ، وأنه هو الذي اخرج منها الجيش وهو الذي استعادها من الدعم السريع ،
نعم في الحالتين بمساعدة من قوات الطرفين (دعم وجيش) لكن بلاشك كان هو محور الحدث ودائرة الضوء ، تماماً مثل وليم ولاس في الملحمة السينمائية سابقة الذكر
و مثل ميسي في رحلة تألقه الكبير مع برشلونة ، صانع الفارق والتأثير ، وتلك نقطة لو اشتغل عليها مستشاريه لزادت من مكانته علواً ومن كسبه السياسي مزيداً من الزاد ،
في مرحلة قادمة بلاشك تتطلب زاداً سياسياً كبيراً لحصد ثمار هذه الحرب التي دفع ثمنها شعب الجزيرة والبطانة غالياً ولا أظنهم يقبلون بعد نهاية الحرب بحاكم يأتي من خارج حدود الولاية ،،،،