عاجل نيوز
في هذا المقال نحاول تحليل الفرص المتاحة أمام نجاح المبادرة التركية التي أعلنها بالأمس مجلس السيادة السوداني
والتي جاء فيها إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أبدى خلال اتصال هاتفي برئيس المجلس عبدالفتاح البرهان استعداد بلاده للتوسط بين السودان ودولة الإمارات
لإحلال الأمن والسلام في البلاد . وأضاف أن البرهان “رحب بأي دور تركي يسهم في وقف الحرب التي تسببت فيها مليشيا الدعم السريع المتمردة ،
وأكد ثقته في مواقف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحكومته الداعمة للشعب السوداني وخياراته” .
إذا نحن أمام اختراق مهم يجب النظر له ضمن سياق الترتيبات الأمنية والسياسية التي تجري في المنطقة العربية .
بجانب انه اعتراف ضمني بالتدخل الإماراتي في حرب السودان يضع حداً للانكار ،
كذلك من المعلوم أن تركيا تنتهج سياسة خارجية متوازنة ونجاحها في الوساطة بين الأطراف المتنازعة في مناطق مختلفة من العالم ،
يجعل بإمكانها لعب دور حاسم في إنهاء الحرب . بالنظر إلى ثقلها الإقليمي والدولي ، يمنحها عدة فرص في نجاح مبادرتها نفصلها كالاتي :
تركيا، تحت قيادة الرئيس أردوغان اكتسبت دعمًا كبيرًا في العالم العربي والإسلامي .
الشعب السوداني يشعر بإعجاب تجاه التجربة التركية في الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي هذه الثقة يمكن أن تكون ركيزة أساسية لتسريع عملية الوساطة بين الأطراف.
كما أن الجيش السوداني بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان يجد في تركيا شريكًا قويًا يمكنه الاعتماد عليه في محاولات استعادة الأمن والاستقرار في البلاد .
كذلك تركيا تحظى بدعم كبير من العديد من الأطراف العسكرية الإقليمية في ظل قوتها العسكرية المتزايدة ، كما تتمتع بعلاقات قوية مع دول المنطقة ،
بما في ذلك الدول الكبرى في العالم العربي مثل مصر وقطر والمملكة العربية السعودية وجميع هذه الدول متفهمة مايجري في السودان ،
ذلك ربما يجعل أي مبادرة في هذا الصدد تجد القبول والدعم من هذه الدول . بما يمهد الطريق لنجاحها ، كذلك تركيا قادرة على لعب دور إيجابي في إقناع القوى الإقليمية الكبرى ،
مثل امريكا التي تربطها علاقات وثيقة مع الإمارات في دعم الجهود الرامية إلى إنهاء الحرب السودانية .
علاوة على ذلك تركيا استطاعت أن تُثبت قدرتها على التأثير في ملفات معقدة مثل الأزمة السورية والصراع الإثيوبي الصومالي
مما يعزز من قدرتها على لعب دور حاسم في السودان من خلال نفوذها الإقليمي قد تساهم تركيا في ضمان عدم تحول السودان إلى ساحة لصراعات إقليمية .
هذا الخبرات الدبلوماسية الناجحة يمكن أن توفر منصة للحوار بين مختلف الأطراف ، بدءً من الحكومة ومرورًا بالجيش وصولاً إلى المليشيا المتمردة .
كذلك تركيا تتمتع بالقدرة على الجمع بين الأطراف السياسية وتوجيهها نحو مفاوضات في مرحلة لاحقة إذا ما قررت إكمال الشوط حتي نهاية العملية السياسية في السودان
في ذلك يرى مراقبون أن عرض الرئيس أردوغان نفسه كوسيط نزيه يمكن أن يكون فرصة لإنهاء الحرب.
حيث تساهم هذه الحيادية في بناء الثقة بين الجميع . كذلك من المهم أن نعلم أن الحرب المستمرة تحتاج بشدة إلى دعم اقتصادي وإعادة بناء بنيته التحتية .
تركيا يمكن أن تلعب دورًا رئيسيا في هذا المجال ، حيث عرضت أنقرة دعمها المستمر للمساعدات الإنسانية والإعمار ،
كما أنها تملك خبرات واسعة في مشروعات البنية التحتية التي يمكن أن تساهم في تحسين الوضع الاقتصادي في السودان .
في اليوم التالي بعد الحرب أيضا يجب أن لا ننسي أن السودان يتمتع بموقع جيواستراتيجي ممتاز علي ساحل البحر الأحمر يمتد إلى ما يقارب 800 كيلو متر ،
مما يجعله نقطة محورية بالنسبة للعديد من القوى الإقليمية والدولية .
كذلك علاقات تركيا مع دول البحر الأحمر مثل مصر والسعودية تمكنها من تقديم ضمانات للأمن والاستقرار في هذه المنطقة .
لذلك هذا يعظم فرص تركيا ويجعلها أقرب إلى أن تقدم اختراق كبير في هذه المرحلة بالنظر إلى أن القيادة السودانية التي أظهرت انفتاحا على الوساطة التركية .
كذلك يجب أن نعلم أن تركيا تدرك تمامًا حساسية مسألة السيادة الوطنية في السودان ،
وهو ما يجعلها في موقع مناسب لتقديم ضمانات للحفاظ على وحدة السودان وسلامته الإقليمية .
رغم الفرص الكبيرة التي تتمتع بها تركيا ، إلا أن هناك تحديات قد تواجهها في دورها كوسيط في السودان من أهمها :
التنافس الإقليمي الإمارات: على سبيل المثال، قد تكون مقاومة لأي وساطة تركية قد تهدد مصالحها في السودان إذا لم تجد الضمانات الكافية والتي يصعب على السودان تقديمها قبل بداية الحوار المحتمل هذا بالنظر إلى التعقيدات الداخلية
هناك العديد من الأطراف السودانية التي قد لا تكون مستعدة للتنازل أو الوصول إلى تسوية شاملة .
حيث ان التعبئة العامة للشعب السوداني تمضي تجاه حسم الحرب عبر فوة البندقية حيث أن إنتهاكات مليشيا الدعم السريع وداعميها المحلين الغير محتملة هي التي فرضت هذا الواقع المعقد ،
كذلك على الصعيد الدولي فإن وجود دول كبرى مثل الولايات المتحدة والصين قد يعقد عملية الوساطة التركية ،
مما يستدعي تنسيقًا دوليًا دقيقًا لضمان عدم اصطدام مصالح تركيا مع تلك القوى . وفي ذلك يمكن الاستفادة من التجربة السورية التي كانت تركيا لاعبا اساسيا فيها .
عليه وبحسب ما نراه من وجه الحقيقة فإن الفرص المتاحة لتركيا لنزع فتيل الحرب في السودان تظل كبيرة بالنظر إلى دورها المتزايد في السياسة الإقليمية ،
و علاقتها الجيدة مع القيادات السودانية ، وقبولها لدى الشعب السوداني وخبرتها في الوساطة الدولية .
إذا ما استغلت تركيا هذه الفرص بشكل استراتيجي فإنها قد تلعب دورًا رئيسيًا في إستعادة الأمن وتحقيق السلام والاستقرار في السودان . نواصل .