عاجل نيوز
انس مالك.
في خضم المشهد السوداني المعقد والمأساوي، برزت على السطح تناقضات فاضحة في خطاب بعض قيادات قوى الحرية والتغيير ، وعلى رأسهم خالد عمر يوسف ،
أحد أبرز قيادات “قحت”. فمنذ اندلاع الحرب السودانية بين الجيش السوداني ومليشيا الد..عم السر..يع الإرهابية ، ظل خالد عمر يمارس ما يمكن وصفه بـ”الرقص السياسي على جراح الوطن” ،
تارة باسم السلام ، وتارة تحت غطاء التحليل السياسي العميق . إلا أن ما تكشفه تصريحاته المتضاربة لا يمكن وصفه إلا بالخذلان المتعمد ، والخيانة الوطنية .
في أكثر من محفل ، خرج علينا خالد عمر يوسف متحدثًا عن ضرورة التفاوض بين القائد العام للقوات المسلحة السودانية عبد الفتاح البرهان و”حميد..تي”،
قائد مليشيا الد..عم السر..يع، وكأن هذه المليشيا ليست المسؤولة عن جرائم حرب موثقة ، من اغتصابات جماعية ، ونهب ، وتهجير قسري ، وتطهير عرقي .
يتحدث خالد عن “السلام” وكأن المليشيا طرف سياسي يمكن تطبيعه ، لا عصابة مسلحة ارتكبت أفظع المجازر في الخرطوم ودارفور وكردفان والجزيرة .
وفي تناقض فج ، يعود نفس الرجل ليردد بأن الحرب في السودان ذات جذور اجتماعية وتاريخية معقدة ، قائمة على غياب المساواة بين المكونات المجتمعية .
فهل التبسيط في طرحه للتفاوض ينبع من جهل ؟ أم أنه محاولة مفضوحة لتجميل صورة مليشيا فقدت كل شرعية أخلاقية ووطنية ؟!
من يتابع تصريحات خالد عمر لا يملك إلا أن يتساءل: هل ما يدعو إليه هو سلام فعلي؟ أم أنها محاولة خبيثة لإعادة تدوير مليشيا الد..عم السر..يع في المشهد السياسي ، بعدما لفظها الشعب السوداني لفظًا ؟!
ما الهدف من هذا الخطاب المزدوج ؟ هل يسعى لتثبيت قدمه في معادلة السلطة المقبلة على حساب دماء الأبرياء ؟ هل باتت مقاعد التفاوض أغلى عنده من كرامة الأمهات الثكالى والنازحين ؟
إن محاولات تبييض وجه مليشيا الد..عم السر..يع تحت ذريعة “الحل السياسي” ما هي إلا طعنة غادرة في خاصرة الوطن .
فكيف لمن يرفع شعار “مدنية الدولة” أن يدعو للتفاوض مع من حول الخرطوم إلى رماد؟! كيف لمن يتغنى بالديمقراطية أن يسعى لإعادة المليشيا الإرهابية الي قلب المعادلة الوطنية ؟!
المشهد السياسي في السودان مليء بالخُطَب والبلاغات ، لكن الحقيقة المرة هي أن قوى الحرية والتغيير ، وعلى رأسها خالد عمر ، لم تراجع تجربتها الكارثية في الحكم
ولم تعترف بأخطائها التي مهدت الطريق لعودة المليشيا إلى الساحة . وبدلاً من النقد الذاتي أو الانحياز الصريح للقضايا الوطنية ،
ينشغل خالد عمر بتوزيع التنظير وتسويق مبادرات لا تحمل في جوفها إلا بذور الفتنة والتطبيع مع المجرمين .
إن كان خالد عمر يوسف يظن أن الشعب السوداني قد نسي ، فهو واهم . لقد وعى الناس درس الخداع ، ولم تعد الشعارات الجوفاء تنطلي على أحد .
لا يمكن الحديث عن سلام دون عدالة . لا يمكن بناء وطن على أشلاء الضحايا ودموع المهجرين . من يسعى لفرض شراكة جديدة مع مليشيا الد..عم السر..يع، أيًا كانت المبررات، هو شريك في الجريمة .
لان التاريخ لا يرحم من يتواطأ ، ولو بالصمت ، مع القتلة. وشتان ما بين من يحلم بوطن حر تسوده العدالة، ومن يساوم على دماء الأبرياء تحت راية “الحلول السياسية”. و “من فش غبينته خرب مدينته” .
خالد عمر يوسف اليوم أمام خيارين: إما أن يصطف بوضوح مع قضايا شعبه ، أو أن يسقط في وحل التواطؤ والتاريخ لن يرحمه.