عاجل نيوز
عاجل نيوز

أرضُ لا تنكسِر – حكايات من حرب الكرامة | الشهيد العقيد الركن مأمون عبدالقادر

عاجل نيوز

 

 

 

 

المحور الثاني – الشهداء (رقم 4)

نقيب / محمد عبدالرحمن هاشم القاضي. الموقع: محيط سك العملة – الخرطوم

الزمان: يوم من أيام المجد في معركة تحرير المؤسسات

الوحدة: قوات المدرعات – الجيش السوداني

 

رأيته لأول مرة وهو يُنظّم صفوف الجيش داخل المدرعات استعدادًا لمعركة تحرير “سك العملة”، عرّف نفسه بكل ثقة:

المقدم ركن مأمون عبدالقادر.

 

اسمٌ طرق الذاكرة سريعًا… أين سمعت به؟ تذكّرت: كان أحد الشهود في محاكمة اللواء بكراوي، حين قال كلمته الخالدة:

“لسنا انقلابيين، ولكننا ضد تفرعُن المليشيات.”

كأن الشهيد قرأ الصفحة التي لم تُفتح بعد… فمات على قناعته.

صفّ الشهيد قوات المدرعات على المحور الغربي، وقوات الغربية على الجنوب الغربي، والمشاة والاحتياط على الجهة الجنوبية. ثم ابتدأ حديثه بذكر الله، مذكّرًا بالأجر الكبير، ومُوصيًا بالالتزام والتوكل. بعد ذلك شرح الخطة العسكرية بدقة متناهية، نحتفظ بها لظروفها.

 

مهمتنا كانت: قطع الشوارع لمنع الالتفافات وتأمين تقدم الدبابات مشاة، على أن تبدأ الاشتباكات بعد إشارة “السهم الذهبي” وتزامنًا مع تقدم قوات الاستراتيجية لسحب المواد الهامة من سك العملة.

نفّذ الشهيد الخطة بنفسه، وقاد التقدم من المدرعة، وبالفعل أُحكمت السيطرة على الأهداف، وقامت القوات الأخرى بسحب ما يلزم.

ثم أُعطيت إشارة الانسحاب للدبابات، وبدأ العازفون يعزفون على قرنوفاتهم في انسحاب مهيب.

 

لكنه لم يكن انسحابًا هادئًا…

 

وقعنا في كمينٍ من قناصات عن اليمين والشمال، وكان أول الشهداء ضارب أربجي على مدرعة BMB – لم أعرفه، ولكن الجنة تعرفه.

 

ثم ارتقى الحكمدار، أحد أعمدة المشاة، تلاه البطل الشهيد مأمون عبدالقادر.

 

كان يحمل فأسه في يد، واللاسلكي في الأخرى، ينزل من المدرعة ويوجه ويصعد، حتى لحظة إصابته. كان آخر ما رأيته منه:

إشارة للدبابات بالعودة إلى نقطة الانطلاق.

 

في خضم تلك النيران، تعطّل كلاشينكوف أحد رفاقي، فأعطيته سلاحي، وحملت الأربجي. عدتُ لتغطية الشوارع مع مجموعة من أربعة وثلاثة، وأثناء التراجع، همس إلي أحد الإخوة:

 

“الدعامي… التفت وراءك.

 

كان أحد أفراد المليشيا يحمل قذيفة (م.د) على كتفه، وعلى بعد سبع خطوات فقط. توكّلت على الله… وضربته بقذيفة مباشرة أصابت الحائط والعدو…

نجونا بأمر الله… ومضى هو إلى ما كتب له.

 

أما الشهيد مأمون، فقد ترجّل عن مدرعته في آخر ساعاته، موجّهًا ومجاهدًا، ثم ارتقى إلى الله في موضعه الأسمى

 

رحم الله العقيد الركن مأمون عبدالقادر، قائدًا ثابتًا، وشهيدًا وفيًا.

ما وهن، وما بدل… وما تأخر.

 

كسرة

ما كان مكتوبًا بلا شكٍّ سنلقاهُ

لا شيءَ يمنعهُ، فاللهُ أمضاهُ

جفّتْ بذا صحفٌ، من قبل نشأتنا

ما بالُنا نرقبُ الآتي ونخشاهُ؟

يا خائفًا من غدٍ، والأمسُ يحزنهُ

يكفيكَ خوفًا وحُزنًا… ربُنا اللهُ

 

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.