عاجل نيوز
الحب هو غريزة تعارف القلوب وإئتلافها وإنسجامها والتعارف معنى لا يقوم على التشابه والتماثل وإنما يقوم على الاختلاف مع الانسجام .
فأصل الحب هو تعرف القلب على من وما ينسجم معه ويكمل نقصه .فما من مخلوق الا وهو ناقص .وهو يبحث عن ما يكمله
،ومن يكمله فاذا وجد ما ينشده مما وممن ينسجم مع هوى فؤاده الى ما ينقصه، تعلق به ،فاذا استعصى الحصول عليه، والارتباط به ،ازداد القلب تعلقا وشغفا ،
حتى لا يكاد يرى غير ما ينشد او من يحب .فالحب كدح من اجل الكمال .ولذلك فلا تكون ثمرة الحب الصادق الا تكثيرا للثمرات وتمثيرا للخيرات .
وأما إذا شققت كلمة الحب ووضعت في وسطها راء الحرب صارت الى ضدها ،فتحولت الى البغض والكراهية ،والسعاية للضر والشر والتخريب والتدمير.
والحرب، هذه آفة بغيضة تعصف بأرواح المجرم والبريء وتدمر أسس البناءات والحضارات .وهي واحدة من أعظم شرور الأنفس البشرية.
والحرب محرقة لأحلام الانفس الشعوب ومستقبل الأجيال، فهي تحول خضراء الانفس الى هشيم ذميم وتحول الحقول الخضراء إلى ساحات قتال موحلة بالدماء ملئية بالأشلاء وتحول المدن النابضة بالحياة إلى أطلال مهجورة.د
وتسرق الحرب من الإنسان أغلى ما يملك، وهو الإحساس بالهدأة والأمان والسلام، وتغرس فيه وفي حاله بذور الخوف والتشردوالضياع.
وأول ما تجرح الحرب هي الانفس النابضة بالحياة فتسبب وتنكأ الجروح النفسية وتملأ النفوس بالبغض والكراهية ناهيك عن تخريب النافع وتدمير العامر المشيد وتسبب النزوح والتشريد. والناجون من الحرب يحملون آلاماً لا تُشكى،
وذكريات مؤلمة لا تحكى وهي تزاملهم مدى الحياة .والأطفال الذين ينبغي أن يشبوا في بيئة محبة وحنان، يجدون أنفسهم فجأة في عالم مليء بالعنف والفقدان، فينشأون في بيئة ملئت بغضا وكراهية فتشوه طفولتهم ويتعرقل تطورهم العاطفي والاجتماعي.
والحرب لا تفرق بين المقاتل والمدني، الذكر والأنثى، الصغير والكبير. إنها تسحق تحت كلكلها كل نسمة إنسانية ورحمة، وتترك وراءها مجتمعات محطمة معذبة يستعسر إعادة بنائها.
والدمار الذي تبقيه الحرب بعد وضع أثقالها وأوزارها لا يقتصر على الجيل الذي يعيشها، بل يمتد ليطال الأجيال القادمة من خلال الأثار البيئية، والاقتصادية، والاجتماعيةالمدمرة
والمتأمل في شرور الحرب لا يجد بدا من العمل بجد لتعزيز السلام والتفاهم وازاحة راء الحرب من بين الحاء والباء …
لكن قد قيل :(كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون) .
فالحرب قد تكون قدرا مقدورا في أحيان كثيرة، فالحياة لا تخلو من شياطين الأنس، الذين لا يرون عمار احوالهم الا في خراب أحوال الناس،
فأمثال هؤلاء جديرون بالمقاومة لا بالمسالمة، وبالحرب لا بالحب، و(لولا دفع الله الناس بعضهم ببعض) لافسدها هؤلاء الشياطين الملاعين …
فقاتلوا الفئة الباغية حتى تفيء الى صراط الرشد والحق، وإلا فتهيأو لنزوح بلا أوبة وضياع بلا رجوع.