عاجل نيوز
عاجل نيوز

لـواء رُكن ( م ) د. يونس محمود | الدكتورة هنادي النور ،، بت السودان  

عاجل نيوز

 

 

 

 

 

 

 

 

ملاحم الجيش السوداني عامرة الصفحات بنماذج البطولات التي تفتّقت عنها مكنونات صدور الرجال وتواريخ الصراعات بين شعب السودان والمعتدين عليه، أفرزت شطحات من بطولاتٍ نسائية فذّة خلّدها التاريخ الذي حفظها عن ظهر قلب ( *مهيرة ،، رابحة* )

 

 

 

 

وبالتأكيد غيرهُن كثير، ولكن دورة الحياة مستمرة، وقلم التاريخ لم يُرفع، وبالأمس وفي مدينة الفاشر، وفي هجوم الجنجويد الأوباش على معسكر زمزم حيث إرتكبوا أبشع المجازر في حق النازحين الضُعفاء الذين لا يملكون حيلة لأن الجنجويد بلا وازعٍ من دين، ولا خُلق ،

 

 

 

 

وليس لهم حظٌ في سمات البشرية غير هيئة المشي على قدمين، ولسان حديد البذاءة والفحش، قتلوا مئات العزّل، سحلوا الأطفال، صفّوا الأتيام الطبيّة العاملة في المشفى الميداني الذين يواسون جراح مرضاهم، ويخفّفون وطأة الألم فيهم.

 

 

 

 

إمتدت يد الغدر لتقضي على روحٍ شفيفة، كأنّها خيوط ضوء تنبعثُ من مصباح زيتٍ في مِشكاة، تلك هي الطبيبة الشابّة هنادي  المشهورة بـ ( *ميرم الفاشر* ) سمراءٌ أنبتها أديم الأرض نباتًا حسنًا، وكفلها أبوان كريمان،

 

 

 

 

وضمّها محراب أسرة سليلة عزٍ عتيق، ما يزال سيفُ أجدادها معلق بقرابه في سقف السماء، موشى بدماء المعتدين، وما يزالُ سمع الدهر يجدُ وقع حوافر خيولهم العاديات، الموريات تقدح شرر الغضب الحليم.

 

 

 

 

ناحلة الجسم، ثقيلةُ وزنِ المعروف والفضل، إتخذّت لرأسها عصابة المقاتلين، تزهدًا في زينة مرائي البنات من جيلها، ورأسها ( *أي رأس هو* !! ) متوقّد الذهن، قويّ الحافظة تُطلُّ من وراء لثامها، عيون كأنها فنارات الموانئ للمُبحرين في الدجى، يغمرها الجلال والهيبة فتطغى على ( *حَوَر الإناث* )

 

 

 

 

تُبصر ما وراء الأكم، وتُنذر قومها خطل الجنجويد الغزاة، مغول العصر، وتتار الزمان.

الدكتورة هنادي النور:

 

 

 

 

تُمسك بسواعدها الناحلة مِشرط الطبيب المداوي، ومِغرفة سيد التكيّة، وبُندقية المقاتل، فكيف إجتمع لها من العزائم ما لم يجتمع لسواها!

 

 

 

 

حتى تمدّدت كسحابةٍ واعدة تزفّها الرعود، وتسوق بشراها البروق خوفًا عليها من أن تبدّدها الرياح، وطمعًا في السُقيا وأسباب الحياة، فتعرّف كُل الناس على الطبيبة التي إختارت الصعاب، وتجشمت المشاق، وإقتسمت المعاناة مع قومها بينما الأيسر مُتاح بلا حرج ( *أومن ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين* )

 

 

 

 

فلم يفرض الله تعالى تكاليف القتال على النساء إلا من آثرت زيادة فضلٍ، أو حمتلها همّة تأبى القعود.

 

 

 

 

 

وهكذا أصبحت ( *د. هنادي* ) أيقونة حقيقية تتضوع بريح مسك الدم الشهيد، ليست كأيقونات كارثة ديسمبر، الكاسيات، العاريات، المتجرّدات من الحياء، اللائي جررن غضب الله على الناس فأخذهم بعذاب الحرب البئيس.

 

 

 

 

 

الجنجويد قوم لد الخصومة، صُم الآذان، عُمي الأبصار، عمه البصائر ، قتلوا ( *د. هنادي* ) فيمن قتلوه من نازحي معسكر زمزم الذين بلغوا المئات مع صعوبة الإحصاء في مثل هذه الظروف، وهم إذ فعلوا فعلتهم هذه إنما صبّوا جام غضب الله والناس عليهم وعلى من حرّضهم على هذه الحرب ( *القحّاطة* )

 

 

 

 

وعلى من سلّحهم ( *الإمارات* ) لأن دم دكتورة هنادي إستحال إلى لعنةٍ تلاحقهم، وثأر واجب القصاص من آل دقلو، حيثُ أشرف المخبول عبد الرحيم دقلو على هذه المجزرة،

 

 

 

 

وظهر ممسكا ( *سوطًا* ) وهو وسيلة الضرب والإذلال، والتعذيب المعتمدة عند الجنجويد، وهو يقفُ على نافذة العربة المدرّعة يُصدر أوامر قتل الأبرياء في معسكر زمزم.

 

 

 

 

وبإستشهادها المشرّف تكون دكتورة هنادي قد تربّعت على قوائم الشرف لنساء السودان، وإحتلّت صورتها ( *اللوحة* ) مكانها اللائق في وجدان شعبها، بل وجدان الإنسانية كلّها

 

 

 

 

لوحة رسمها القدر، مستوحاةٌ من الواقع، يكتنفها الفضول أكثر مما إكتنف غموض الإبتسام لوحة ( *الموناليزا* ) مالذي اعتمل في صدر الصبيّة حتى تُفني نفسها في عشق وطنٍ خانه ( *أشباه الرجال* ) وإشتروا به ثمنًا قليلا !!

 

 

 

 

دراهم إمـاراتية ملوّثة بدماء أهل اليمن، وويلات غزّة، ومآسي ليبيا، وخيانة السودان.

 

 

 

 

مالذي إستعذبته هنادي في سوح معارك جندلت عتاة المجرمين؟، ( *علي يعقوب ، شطة ، وغيرهم* )

أي سكينة تغشتها ( *لتتبختر* ) بين جنبات المخيم؟

 

 

 

 

إن الشهادة مقامات، والإستشهاد وقائع، هُناك من سعت إليه الشهادة، وهناك من سعى إليها مفرغًا يده من تمرات ( *عُمير بن الحُمام* ) يردد ،، بخ بخ ،، تعجبًا ومدحًا، وهو عين ما فعلته الشهيدة بإذن ربها الدكتورة هنادي النور داؤود جمعة التي ضربت بسهمٍ وافرٍ للمرأة السودانية، الشابّة، المتعلمة، يسعُ سائرهن، ويرفعُ قدرهنّ المرفوع أصلاً إلا من أبين من كوادر قحط ( *المطاميس* ).

 

 

 

نستودعك الله الذي وعد الشهداء، ووفى وعده سبحانه، ويملؤنا الحرج أن يكون نصيبنا منك حرفًا نازفًا، وساري حزن عميق حلّ بِنا، وحرض نبثّه لله رب العالمين، ودمع نداريه ( *بالصنقاع* ).

 

 

 

 

فيا أيتها الشهيدة:

صاحبة الجناح الصاف في جو السماء، وعطر الدم المسك النديّ، لكِ في كل قلبٍ مودّة، وفي كل عينٍ خاطر، وفي كل مجلسٍ ذكرى، وفي كل دعاءٍ نصيب.

 

 

 

 

جبر الله كسر الوطن وربط على قلوب ذويكِ،

وجعل البركة في عقبك.

فنلتِ عزّ الدنيا ونعيم الآخرة بوعد الله.

*{وَلَا تَقُولُوا لِمَن يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَٰكِن لَّا تَشْعُرُونَ*}.

 

صدق الله العظيم

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.